Friday, November 15, 2013

امايا يا اماه


النسويات زي اي بني ادمين بيكونوا ارائهن و مواقفهن من ظروفهن و نشأتهن و قراءاتهن و خبرتهن  ... و سمعت من نسويات كتير ان اكتر حد اثر فيها هي امها او شخصيات انثوية تانية زي الجدة او العمة او المدرسة  .
 هي اما انها كنت شخصية ايقونية شديدة القوة و هي اللي قادرة تقود حياتها و حياة عيلتها و اطفالها ... و النموذج التاني هو انها تعرضت للاذي كتير اوي و اتقهرت من مجتمع و شخصيات ابوية .
انا واحدة من الناس دي، امي و جدتي لامي اثروا في حياتي اوي ... و كل ما اكبر و اوعي اكتر احس ازاي السيدتين دول واجهوا ظروف خانقة و مجتمع غير ودود ، اضف الي ذلك انتمائهن لاقلية اثنية ، زودت الضغط عليهم ، لاني مؤمنة ان الاقليات بتضغط ضغط مضاعف علي النساء ، لانها تتعامل معاهن انهن حاملات الارث و التراث .
 جدتي الارملة اللي ما عندهاش دخل تقريبا اللي بتربي 3 اولاد و حظها انها منتمية لعيلة متضامنة و متكافلة فعلا ، و امي كمان اللي خاضت ظروف صعبة جدا من اول النشأة في عيلة شديدة الفقر و تطلعها لمستقبل احسن و اجتهادها انها تحسن وضعها بالتعليم و ازاي انها دخلت تعليم جامعي بس عشان تحقق حلم جدتها اللي صعب عليها ان بنات العيلة درسوا في الجامعة و امي منعتها ظروفها من دة. و فعلا امي درست في الجامعة ، بعد ما درست في مدرسة ثانوي ليلية و في نفس الوقت اللي كانت بتشتغل فيه و بعدين زواجها بابويا اللي كان بيمر بظروف صحية خاصة و كان لها تبعاتها علي حياتنا و ازاي امي استحملت كتير اوي عشان العلاقة تستمر و ازاي عانت اول ما بقت ارملة من نزاعات عائلية و خاضت لوحدها نفس تجربة جدتي في تربية 3 اطفال اصغرهم كان عنده 9 سنين يوم وفاة الاب  و ازاي انها طول الوقت كانت مهتمة انها توفر لنا افضل الظروف اللي هي ما حظيتش بها من تعليم عالي الجودة و كماليات كتير و لغاية دلوقتي ازاي كل همها انها توفر لنا امان كامل و اللي بتمثل عندها في الامان الاقتصادي.
امي اللي باحبها اوي مش ملاك و لا ستي كمان .... رغم اني باحبهم اوي بس انا كمان شايفاهم كانوا شريكات في اعادة انتاج القهر ، اللي ستات كتير بتعملوه ، متخيلين ان الرضوخ لمعايير المجتمع هو المنجي الاخير لاي انثي و المهرب من الاستبعاد و ألسنة الناس اللي بتقتل. الجدة و الام الاتنين استخدموا عنف تجاهي علي امل اني ابقي بنت كويسة و مثل اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24 ضلع كان مثل اساسي في حياتي . انا مدركة دلوقتي ان ما كانش عندهم خيارات كتير او انهم ما كانوش يعرفوا ان في خيارات او تخيلوا ان الخيار دة هو الاحسن .
انا ساعات باحس ان علاقة الام بالابنة من اعقد العلاقات و ساعات باحس ان حنان ماضي لخصتها في اغنيتها "شدي الضفاير" . الضفيرة اللي بتخبي فيها الام الورث ...تقاليد و عادات و دين و معلومات .... مع كل ضفيرة الام بتتأكد انا بتصيغ شكل بنتها ...شخصيتها .... و مصيرها...
انا عارفة ان امي اكتر حد حبني، بس كان بيصعب عليا ليه بتختار لي خيارات صعبة و انا رفضاها... ليه رغم اني كنت صغيرة اوي الا اني عرفت اعافر ضد رغبتها في ختاني ...في 1994 كنت يا دوب 12 سنة... كان مؤتمر القاهرة للسكان موضوع اساسي من موضوعات الختان او الانتهاك للاعضاء التناسلية للاناث و كنت باقرأ جرايد و يمكن دة من الحاجات اللي نجتني الي جانب ابويا اللي كان بيحمل فكر تقدمي . ساعات كتير حسيت بالضغط ان كل قرار في حياتي كان لازم اخوض معركة عشان اخد حقي في تقرير مصيري، مش ها انكر انها كانت بتدعمني مجرد اني اخدت قراري ، بس فكرة ان حياتي كلها كانت خناقات دة شئ بيزعجني جدا
ساعات تانية كنت باحتار ليه  امي عايزة تصبغ حياتي بتجربتها ، ليه مش عايزة تصدق اني اتخلقت في عالم مختلف و ان رغباتي و اختياراتي مختلفة ....
لسة مستاءة ان امي مش سعيدة بخطواتي في الحياة لانها في درب تاني غير دربها ... لسة باضايق انها بتدعي في كل صلاة ان ربنا يهديني ، و لو اني مش مهدية عشان اخترت سكة بتاعتي بادور فيها علي حلمي . عارفة انها بتدور علي احلامها المبتورة فيا و عارفة ان انا فرصتها الوحيدة ان حلمها يتحقق و يكبر ...بس دة عبء ينوء به عاتقي .
ساعات باحس اننا كستات  بنقسي علي بعض اكتر من الناس و من الزمن و نتخيل اننا لو حطينا بناتنا في قوالب حديد تسحق رجليهم ، يبقي كدة احسن مساعدة نقدمها لهم....
انا حبيت اتكلم عن فكرة اعادة انتاج القهر من منظور شخصي و لاني باحب الحكي حكيت لكم حكايتي 
انا مؤمنة ان دوايرنا الخاصة هي اللي بتحدد خياراتنا في الحياة العامة و تنعكس عليه بقوة ...و انا كمان شايفة ان حب الامهات ساعات بيبقي زي حب الدبة اللي قتلت صاحبها ...مش باحب فكرة بيروج لها البعض ان الامهات بيحبوا يشوفوا بناتهم يتألموا زيهم ....فكرة سادية اوي ما تتفقش مع رقي العلاقة و قدسيتها اللي بين الام و البنت
امي ..كانت سندي و المكان الوحيد اللي عارفة انه مش ها يضيق بيا مهما ابدت استيائها من تخييبي لاملها ...بس نفسي انا لما ابقي ام ما اكتفش جناحات بنتي و اسيبها تطير ...حرة طليقة
و زي ما اغنية شدي الضفاير قالت :
امايا ...يا اماه 
جوايا ...ايه 
امايا ...يا اماه ..جوايا ...ليل 
و كلام باحسه و باقولها مرة
عذاب باحسه عذاب و ثورة


No comments: