Monday, May 28, 2012

عن ميكانيزمات الاختباء في الفضاء المخملي



لان الايام صعبة و بتغمق يوم عن يوم ...و لان الطريق شكله كدة طويل و ملئ بالمطبات و العثرات ....فلازم نفضل علي حيلنا و عودنا مشدود .... طبيعي اننا نتغلب في معارك صغيرة و قصيرة المدي ، بس كمان البني ادمة مننا طاقة و لازم نحافظ علي نفسنا من الاستهلاك و الاستنزاف.
عشان كدة انا عندي مكان خيالي اسمه الفضاءالمخملي ، زي فقاعة ، باحتمي فيها من الايام و عمايلها ...و افضل مستخبية و عازلة نفسي ... و يا دوب اشوف من جوة الفقاعة الشفافة ، الدنيا بتتغير ازاي ، و احدد براحتي ها اتعاطي مع ايه و اتجاهل ايه.....
و فضائي المخملي هو احد اسباب بقائي علي كوكب الارض ،  و من غيره كان قلي انفطر ميت مرة و عقلي شت مليون مرة.
المهم ندخل في التفاصيل ....كيف تدخلين في الفضاء المخملي ... اول حاجة ممن نقسم نفسنا .... لجسم ....و عقل ...و روح .
المفروض بقي ان المعادلة الثلاثية دي اللي بتكوننا ، نحس بالسعادة و البهجة او علي الاقل الراحة . في حاجات باعملها بتبهجني ، رغم انها صغيرة بس مهمة و بتفرق ، و كمان مهم اوي اننا ما نستوردش نكد الناس و نتبناه ، حتي لو كان شأن عام ....اعملي حاجز و لو رفيع يبعدك عن جنان السياسة و صريخ الساسة. 

بس بقي من ميكانيزمات الفضاء المخملي :

·         دلعي نفسك: احلي حاجة ان البنات عندهم تفاصيل كتير اوي ، و عندنا قدرة اننا نحتفي بالتغييرات البسيطة ، يعني مثلا ابتدي بجسمك .... اعملي حاجات تساعد علي الاسترخاء .... دش طويل دافي .... امشي مسافات طويلة و انت بتسمعي مزيكا مفرحة علي المغرب كدة .... غيري في حاجات صغيرة زي تسريحة شعرك او ربطة الايشارب .... و كمان انصحكم تقتضوا بالسودانيات و النوبيات ...تفاصيل عمليات التجميل عندهم طويلة و مليئة بالتفاصيل...يعني من الحنة .... للدلكا ...للعطور .. و البخور
·         الدنيا الوان: حالتك النفسية بتأثر في اختياراتك ...ليه ما تقلبيش الاية و تأثري انت في حالتك النفسية.... البسي الوان مبهجة ... الدنيا صيف و الالوان بتبين انك واثقة في نفسك و مش خايفة ان الناس تشوفك و كمان بتبين لونك ايا كان سواء بيضاء ، قمحية ، سمراء ،  سوداء..... و دخلي الالوان في كل تفاصيلك ...في اوضتك ... في لون محفظتك .... هدومك .... جراب موبايلك
·         استمتعي بالجمال: اللي شايفين مصر ميدان التحرير و الشوارع الضيقة و بس عندهم ازمة ... انا معاكي ان في ظل الازمة الاقتصادية اللي احنا فيها صعب تروحي يومين في اي حتة ..... بس ممكن تتمشي في شارع المعز ... و لا تروحي جامع ابن طولون .... و لا تروحي الازهر بارك ..... خلي عينيكي كاميرا ، ما تصورش غير اللحظات و المشاهد الحلوة .و انبسطي بالمزيكا ، عيشي حالات ما عيشتيهاش في  رواية او فيلم .... الخيال ممكن يخفف وطأة الواقع .... انبسطي بكل حاجة حلوة ...قعدة بنات ... خروجة مع العيلة ....فرح حد عزيز... فرجة علي البوم طفولتك
·         بطلي تفكري بسلبية: ربنا قال انا عند ظن عبدي بي .... لو انت شايفة الدنيا سودة و منيلة بنيلة .... مهما كان حواليكي جمال مش ها تشوفيه ، ايليا ابو ماضي قال كن تري الوجود جميلا .... اعرفي ان طول ما في نفس فيك يبقي لسة في في فرصة و لسة طول ما فيك نفس يبقي في معركة تانية ها تخوضيها و تفائلي انك ها تنتصري ..... كمان افرحي بالانتصارات الصغيرة و تعاملي مع الدنيا انها معارك صغيرة ...يعني مقلب  و ها يعدي لو اتغلبتي ، مش اخر الدنيا....
·         استمتعي بالحب: الحب بينور ايامنا و بيحسسنا ان سبب نصحي علي عشانه كل يوم ..استمتعي بالحب اللي حواليكي ، من اصحابك ، اهلك ، لو كنتي محظوظة و في شريك حياة برضه .... الحب طاقة بتدفع لقدام و برضه تجاهلي الطاقة السلبية اللي بصدرها لك الناس
·         خلي عندك دروع دفاع : يعني لما تحسي ان الطوفان جاي و الكأبة بتهل ..... ارفعي علم احمر و ركزي ...راقبي مودك و اسمعي نصايح اللي بيحبوكي لو نبهوكي لدة... بدل ما تغضبي ، روحي جيم ، مش نافع طلعي غضبك في انشطة جسدية تخرج الطاقة ، امسكي سجادة و تعاملي معاها انها مديرك او حبيبك الرزل مثلا .... الغضب لازم ينفس عن نفسه ...بس اهم حاجة ما تتعامليش مع الناس انها اكياس رمل ... للاسف انا خسرت ناس كتير في نوبات غضب
·         انت سيدة قرارك: في الاخر رغم كل شئ احنا اللي بنصنع حالتنا النفسية و افتكري دايما انا في حيل دفاعية تهربي بها من الدنيا و سخافتها ، اوعي تستلمي لاي ضغط او اي ابتزاز انك لازم تصدري وش حزين و لا تتكسفي انك تضحكي و لا تحطي غنوة حب علي بروفايلك عشان " الظرف لا يسمح" ، احنا بنعيش مرة واحدة بس ، حياتنا بتاعتنا مش بتاعة الناس
·         طبطبي علي روحك: لو كنت متدينة ... دوري علي وجه الكريم .... اللي يدق باب الكريم عمره ما ينضام ... ربنا علي طول فاتح بيبانه ... تقربي .... مش بس بالطقوس .... المناجاة تنجي .....كلميه ، هو الوحيد اللي فاهم و حاسس بجد ..... و اذا كنتي غير متدينة ...عليكي و علي التأمل ... فكري ..و فكي قيود دماغك و قلبك ......
يعني دي اهم خططي لمواجهة بواخة الدنيا .... قدام كل ذكري مؤلمة ...اعملي عشرة ذكريات مفرحة

Wednesday, May 23, 2012

انتهاك في يوم العرس الديموقراطي

و انتم فرحانين و بتحتفوا بالعرس الديموقراطي العظيم اللي مصر بتشهدوا و في وسط كل الاستقطاب و الشد و الجذب و الناس اللي بتضرب الجزم كمان . انهاردة اكتشفت مرة كمان ان النظام لم يسقط.
النهاردة كان الاجتماع الدوري لاتحاد شباب النوبي الديموقراطي ، و عشان احنا مش مسجلين و لا معانا فلوس .... بنجتمع في اي مكان عام ممكن نسمع بعض فيه. 
بس و انا داخلة سألوني علي الباب داخلة فين يا استاذة .... كالعادة بمنتهي الحدة و التناكة ...ها اقعد مع اصحابي في مشكلة ؟؟؟ بس و شوية و لقينا حد من الادارة بيسحب حد من الاعضاء و يقول له ممنوع اجتماع اكتر من خمسة ... و دة اشهر نص في قانون الطوارئ يعني ...اللي بيبيح للامن القاء القبض علي اي تجمع اكتر من خمس افراد ، و تنويعاته الاستباقية بقي من منع تجمع الافراد اصلا.
المهم انا متأكدة ان دة متعمد ، لان ادارة المتحف عارفنا لاننا اقامنا فعالية التهجير في ابريل الماضي في المتحف ... و انا اكاد اجزم انهم عارفين ان طبيعة الاجتماع تنظيمية و مش قعدة اصحاب
بس و بعد تفاوض في طياته تهديد مننا سمحوا لنا نكمل الاجتماع لغاية الساعة 9 علي ان دة ميعاد الاغلاق الرسمي ....في العادي بيتسامحوا لغاية عشرة يعني. 
السؤال بقي هي وزارة الثقافة اصدرت اي بيان او منشور بدة ... هي وزارة الثقافة في قراراتها و لوائحها ما زالت تستخدم نفس الاسلوب البوليسي ....
اذا كنا بنحتفي بالانتخابات الرئاسية و بنحتفي ببداية ارساء دعائم الجمهورية الثانية، لازم نحط في اعتبارنا ان التغيير مش بس في القمة ... القاعدة هي اللي بتمس حياة الناس اكتر .... اذا كنت لسة باشك ان تليفوني او ايميلي متراقب او اي امين شرطة يستأسد عليا عشان يأخد اتاوة ، مش ها تفرق معايا اوي ان الرئيس ثوري و ىلا اصلاحي و لا ان الجمعية التأسيسية بتمثل قطاعات الشعب و لا لا 
النظام ليس فرد ...النظام مؤسسات و سياسات و مناهج ادارة و عقلية 
مازال الشعب يريد اسقاط النظام   

Sunday, May 20, 2012

خاطرة عن يوم مرهق: ما بين عصام العريان و النادي النوبي العام




تتسارع الاحداث في مصر في جميع الاتجاهات و يلهث المتابع تحت  وطأة المتابعة  التي لا تهدأ  و لو للحظة و علي الرغم من ذلك ، تظل بعض القضايا موسمية ، علي الرغم من اهميتها و ثقلها. هذا ملخص لوضع القضية النوبية في  الشأن العام المصري. فعلي الرغم من ان النوبة جرح لم يندمل بعد، الا انها لا تلقي الاهتمام اللازم من النخبة السياسية و تثار فقط عند الاستحقاقات السياسية. من الطبيعي بل و من المشروع ان يتزلف الساسة للنوبيين ، فهم كتلة تصويتية لا يستهان بها ، و ان كنت لا املك رقما للنوبيين ، فتعداد النوبيين " سر عسكري" لا يمكن الإفصاح عنه . اضف الي ذلك ان النوبة مثال للفكر العصبوي و القبلي فمن السهل تنظيمه و توحيده سياسيا  ، حيث يمارس كبار العائلات ادارة العملية السياسية و يعتبروا " القادة الطبيعيين " للنوبة ، و دائما ما تطبق الافكار الابوية التي تستبعد الاصغر سنا و النساء عن دائرة اتخاذ القرار. الي جانب تعامل البعض مع القضايا علي انها "دكانة " و هولاء دائما ما يتحولوا الي " متحدثين رسميين حصريين" عن القضية التي تهم ملايين النوبيين و كأنهم امتلكوا صك تفويض من الجميع.
اليوم كان يوما عصبيا علي ، فاليوم تعاملت و لاول مرة النوبيين العاملين في العمل العام المختلفين معي في التوجه و السن،  بدون رتوش المودة و اللطف  .و قد اثارت احداث اليوم العديد من الافكار و الشجون في عقلي . دعوني احكي لكم عن خلفية اليوم . جاءت احداث اليوم في خلفية اساءة عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية و العدالة للنوبيين ، حيث وصفهم بانهم " غزاة".  قد يتجادل البعض في مدي مصداقية هذه المقولة و قد يعلل البعض ان النوبيين حكموا مصر بالفعل. و لكن بالنسبة لي كدارسة علوم سياسية  لا اتوقف عن استخدام اقتراب تحليل المضمون ، و مفاده طرح سؤال من قال ماذا كيف و لماذا . القائل في هذا الحالة سياسي محنك كتب مقال و من المؤكد انه راجعها علي الاقل لغويا و من المفترض انه علي القدر الادني من الوعي الذي يسمح له بمعرفة ان الاسر النوبية تعد ضمن التاريخ المصري و الا لما تعتبر جزء من ال 30 اسرة التي يتكون منها التاريخ الفرعوني.  و انتقل لسؤال ماذا، صرح العريان اننا غزاة و هذا يتضمن في باطنه انك خارج اللحمة المصرية و انك غريب عنها، اما عن سؤال كيف فالعريان ساوي بين النوبيين و كل غزاة مصر و هذا غير حقيقي لان النوبيين اتوا الي مصر في لحظة اضحملال و احترموا عاداتها ، و اضف الي ذلك ان من النوبة انطلق احمس و سانده النوبيون لاستعادة مصر من براثن الهكسوس. و اخيرا لماذا، العريان صرح تصريحا لا اري له هذفا الا استعداء ابناء مصر علي  فصيل من المصريين ، فاذا نعت العريان النوبيين بالغزاة و ما الغزاة الا غلاظ القلب ، يأتوا علي الاخضر و اليابس ، فاي صورة ممكن ان تكون في عقل من يقرأ هذا الوصف.
و مرت ايام كثيرة و ابدي الكثيرين غضبهم ، الا ان الجهود كانت فردية و مبعثرة. و لم يقم النادي النوبي باي حركة جدية سوي نشر بيانات الشجب و الاستنكار و التهديد التي لا تحرك ساكن. و من الغريب مثلا ان في جولة  محمد مرسي مرشح الحرية و العدالة في اسوان ،اعتذر صفوت حجازي عن اساءة العريان و هو بالنسبة لي شئ غير منطقي بل و هزلي، فانا لا اجد اي سبب منطقي يمنع العريان ان يتعذر بنفسه عما بدر منه هو  . و توالت الاحداث و قام  بعض  اعضاء جماعة الاخوان النوبيين بالتحرك لتحسين منظر الجماعة و كانت طريقة رأب الصدع بالنسبة لهم ان يستضاف العريان في النادي النوبي العام ، الممثل المنتخب للنوبيين و  ليعتذر عما بدر منه. و تم الاعلان عن مؤتمر للاستضافة العريان اليوم الموافق 18 مايو 2012. و قد اثار ذلك غضب في قطاعات نوبية عديدة ، اهمها الشباب النوبي. و عكس تكاسل النادي النوبي ، تحرك الشباب بسرعة و انشأوا صفحة بمبادرة من الناشط النوبي رامي يحي ، تحت اسم  "نرفض استقبال العريان " . هنا تنتهي الخلفية عن  اليوم.
اما عن اليوم نفسه، تكتل الشباب باعداد لا تتجاوز العشرين رافضين السماح للعريان بدخول النادي ، فمن الغير منطقي ان يسبنا علي موقع قطاع الاخبار المصري الذي يتصفحه الملايين و يعتذر في النادي امام عشرات النوبيين. في البداية توجه الكبار الي الذكور و كنت وحدي انا و زميلتي ريم بشيري ، و كانوا يتجاهلونا بشكل واضح و ممنهج و المبرر الوحيد الذي غزي عقلي ، اننا نساء ليس لنا شأن بالسياسة و هذا ما تم نفيه في نفس اللحظة ، حيث ثارت ريم لكرامتها و بدأت تفند ارائهم المهادنة التي يحلو لهم وصفها بالدبلوماسية و اللباقة . و قد اصابتني العدوي و عبرت عما يجول بعقلي كما افعل دائما بحدة و عنف .  رأيت ديناميكات العلاقات شديدة الوضوح ، النجوم لم يهتموا بالحوار و كانوا يراقبون من نافذة النادي بحللهم شديدة الفخامة و يتحدثوا بلا توقف في الهاتف كما انهم يديروا مفاوضات السلام العربية الاسرائيلية . كذلك بدت لي امور بفجاجة شديدة و منها علي سبيل المثال تقديس النوبيين  لكبير السن ، لدرجة ان مجرد ابداء شاب /ة لرأيها  تؤدي الي مشكلة ، علي الرغم ان من اهم مواصفات  العمل العام صراع الاجيال ، حيث يري الكبار انهم افنوا حياتهم في النضال من اجل القضية  و الشباب لم يقدموا ما قدموه من تضحيات و كان ذلك حين قال لي احدهم : " كنت فين من عشر سنين، عملتي ايه للنوبة" ، بغض النظر عن المزايدات الرخيصة الا ان فكرة التفضل بواجبك فكرة لا يستسيغها العقل.  و توالت التعليقات مثل " دي اخلاق النوبة يناتنا صوتهم يعلي!!!" و تعليقات اخري علي شاكلة " عيب انا قد ابوكي يا بنتي "  و قليل ما اشتبك اي منهم مع مضمون ما اقوله . و اخر تخيل انه اذا رفع صوته امامي سيرهبني ، للاسف اكتشف بالدليل القطعي انه يتعامل مع الشخص الخطأ، و كذلك حينما اقترب احدهم من رامي الذي بادر بفكرة منع العريان قائلا" ما تمشي البنات ، عيب كدة ، شكلنا ايه قدام العمارة"  . و نهاية كانت اسخف المزايدات من الاخوان النوبيين " انتوا كارهين عصام العريان عشان اخوان" و كان الرد المفهم لاحد الشباب " لو اكبر راس في اليسار غلط ما يلزمنيش"  و اختتمت الاساءات بالقول " الله يحرق الثورة اللي طلعت علينا الاشكال دي" .  بالنسبة لي عوامل النوع و السن و الايدولوجية كانت العوامل الفاصلة في الحوارات، هذا الي جانب قيد الهيراركية و التراتبية التي تجعلنا نعبد الابنية علي الرغم من انها لم تنجح يوما في ان تحتوينا و تعبر عننا.
المهم انتهينا الي ان تم الاتصال بالعريان لاعتذار عن استقباله و هو نصر قصير المدي للشباب و لكن يبقي الهدف هو الاعتذار في نفس مكان الاساءة و بنفس المساحة " بعد مرور ما يقرب من عام علي الاساءة "، و  كما تقتضي قواعد النشر . و ما اطرحه علي عصام العريان الا يقتصر مقاله علي المديح و العزف علي قلوب النوبيين ، ارجو منه توضيح موقفه و موقف حزب من قضية التعددية العرقية و ايضاح اذا كانت مدرجة علي جدول الحزب ام لا و ان كانت كيف سيحققونها.
 و لكن تبقي الغصة ، فالنادي النوبي سيبقي في عيني مكان للمواءات السياسية و مكان للابوية التي تتجاهل الشباب و النساء و مكان لا يحترم التعدد الفكري و الايدولوجي للنوبيين و مكان من السهل ان تزايد فيه علي الاخرين و تغمرهم بوابل من الاحكام الاخلاقية. ببساطة النادي النوبي ليس مكاني ، حتي اشعار اخر.

تحديث في 22 مايو: 
عصام العريان يتحايل و يحول المشكلة من خصومة مع حماعة اثنية الي خصومة ايديولوجية ...مدعيا ان اليسار هو من اثار هذه الازمة و قرر الا يعتذر ...  
لا تعتذر لتبقي الخصومة ابدية .....




Tuesday, May 15, 2012

عن فلسطين : القضية الاكثر عدالة




"ستين عاما و شوية " و انا ابحث عن ارض و عن هوية

ابحث عن بيتي الذي هناك ، عن وطني المحاط بالاشواك
قولوا لمن يبحث عن قضيتي ، بارودتي صارت هي القضية

قضية فلسطين بالنسبة اكثر القضايا السياسية اللي لم اتعامل معاها بعقلي و انما كان قلبي هو اللي بيسيطر... زي كل المصريين من جيلي اتولدنا علي صورة اطفال الحجارة و لسة فاكرة مجلة ماجد الاماراتية مجلتي المفضلة و انا طفلة و فيها مسلسل قصص ان اطفال الحجارة و حكاياتهم ترسمت ادامي مش بس علي الورق كمان في قلبي و عقلي . الم الاطفال دي كان جزء من البديهيات اللي كبرنا عليها . غير تعاطفي مع الاطفال اللي شفت فيهم حاجة مني ، كمان  البعد الديني بالنسبة لي صعب الموضوع جدا و لسة حلمي البعيد اني اصلي في الاقصي، بس مش بتأشيرة اسرائيلي


و بعد كدة  الموضوع اتطور معايا شوية بحكم الوعي و الادراك و كانت انتفاضة الاقصي اول كسرة قلب بجد، كنت اول مرة اشوف صور بالفظاعة دي، لسة صورة ايمان حجو مش راضية تتمحي من دماغي  و لسة فاكرة ازاي  سلم الكلية من الدور الارضي للدور الرابع  كان متغطي بصور الجرحي و القتلي و كنت كل يوم بعد اخر محاضرة ، اشوف العميد د/ كمال المنوفي يغير اعداد القتلي بقلمه و يزود الارقام . و دة كان بالنسبة لي قمة الانقباض و الكأبة . المهم انتفاضة الاقصي دي كانت اول ادراك ليا قد ايه انا صغيرة و ما اقدرش اغير اي حاجة  في العالم دة و من كتر الصدمة ، وقعت و اختل توازني و تعبت لفترة طويلة.


بس بعد كدة يمكن من اول 2004 مع بداية الحراك المصري ، ابتديت اتوتر جدا من الاهتمام الموجه للقضية الفلسطينية من صانع القرار المصري و كمان من النشطاء السياسيين و حسيت اننا محتاجين نركز مع الشأن المصري اكثر حتي لو فلسطين هي القضية الاهم علي الساحة العربية. في نفس الوقت دة كنت ابتديت انمي كره شديد لفكرة القومية العربية و كل ابواقها ، و للاسف اكبر الداعمين لفلسطين هما صقور القومية العربية. و بجد كرهوني في القضية الاكثر عدالة و كرهت كمان ان اد ايه في قضايا عادلة في ما يسمي "بالوطن العربي" الا انها عمرها ما كانت مهمة ، من حس باللي جري في دارفور ، من بيفتكر حلبجة، حد تعاطف مع النوبة ، حد اهتم  بربيع الامازيغ !!!


المهم القضية ابتدت تأخد منحني اصعب يوم بعد يوم ، و اللي حصل بين فتح و حماس كمان كان مقرف اوي بالنسبة لي و حسيت انهم بيتخانقوا علي تورتة و ياريت هما عارفين ياخدوا منها حاجة و كان اللي بيحصل احسن تطبيق لفكرة فكر تسد . المهم بقت فلسطين بالنسبة لي عداد بيعد ايام الحصار و عدد القتلي و المصابين.



 بس في الفترة الاخيرة و بسبب معركة الامعاء الخاوية، رجعت بالنسبة لي القضية الفلسطينية للقبها القديم، القضية الاكثر عدالة، بعيدا عن نعيق الساسة و صراخ الشيوخ و تلون القوميين العرب .... قضية فلسطين مجرد صراع للاعتراف ببشر لهم هوية و حق ...مهما طال الزمن
انا فكرت اكتب التدوينة دي تضامنا مع الاسري الفلسطينيين اللي بيخوضوا معركة سلاحهم الوحيد  فيها عزيمتهم ضد صلف اسرائيل و تجاهل العالم .

Friday, May 11, 2012

عن المثلية الجنسية




زي اي حد اتولد في بيت متدين و محافظ في حاجات بالنسبة لنا تابوهات و مجرد مناقشتها اضاعة للوقت و ساعات بتبقي خرق للقواعد و الاصول. و في حاجات كتير اوي بنتربي انها حقيقة و غير قابلة للتسأول و انها بديهية في اوقات اخري.
انا اتولدت في بيت شديد التدين ، و ياما اتهزأت عشان ما صليتش و ساعات كمان اضربت و كانت دايما الطقوس و العادات الدينية بالغة الوضوح في حياتنا اليومية . و في وسط الحاجات اللي عرفتها ، مش فاكرة برة البيت و لا جواه ، لان برة البيت في حالات كتير كان بيبني علي اللي البيت ابتداه ، زي المدرسة او النادي  . من الحاجات اللي اتعرفت عليها  رأي الدين في المثلية ، المعروفة بالشذوذ الجنسي. و اتربيت ان ربنا خلقنا عشان نعمر الكون و ان وسيلة الاعمار هي الزواج اللي عن طريقه بنتكاثر و يعمر الكون، و بالتالي اي ممارسات لا تؤدي للاعمار الارض مرفوضة و سمعت زي الكل قصة قوم لوط اللي ربنا عاقبهم عقاب شديد.


بس بقي في مرحلة متطورة  ابديت اقرأ موقع اسلام اون لاين ، و دة كان في الجامعة يعني ... و كان اسلام اون لاين بالنسبة لي ملجأ بقي ، يعني كان في افكار اكثر تفتحا من الفكر الاسلامي المنتشر و انا مثلا كان من الحاجات اللي شداني باب قسم مشكلات الشباب ، اللي اتحول بقدرة قادر للحوارات و تسأولات عن الحياة الجنسية . يعني و الاسئلة كانت اسطمبات الشباب و الغير متزوجين خايفين ان العادة السرية تأثر علي ادائهم عند الزواج و البنات خايفة انها تقطع غشاء البكارة اثناء العادة السرية و انها ما تستمتعش بالجماع لاعتيادها علي المتعة الشخصية ...... و في اسطمبة و هي الشكوي من الميول الجنسية المثلية ، و دة بقي كان بيتم التعامل معاه في العادي انه اما نتيجة تحرش في الصغر ، او انه وسيلة للتفريغ لحين الزواج ، مش انه ميل و تفضيل جنسي . بس و عشت فترات طويلة بالفكر دة . 

لغاية ما قابلت اول حد مثلي في حياتي في الماجستير و تعاطفت معاها علي المستوي الانساني بس ما ابتديتش اغير رأيي علي المستوي النظري الا بعد 2008 ، لاني قريت احد اكثر الكتب اللي اثرت فيا و هي بريد مستعجل ، و هي حكايات بنات مثليات من لبنان . دة غير اني ابتديت اكتشف ان حتي الرأي الطبي اللي كنت مقتنعة به و اللي استقيت من اسلام اون لاين ما هو الا انعكاس للرأي الديني و ان العالم شال المثلية الجنسية من قائمة الامراض النفسية من السبعينات.
الفكرة بقي بالنسبة لي ، مش اني اجادل التفسير الديني مثلا ، رغم اني باطرح عليكم تبصوا علي تفسيرات حديثة لموضوع الميل الجنسي في الاسلام و لكن اني اطرح اسئلة انسانية من ناحية هل اي حد فينا بيختار تفضيلاته الجنسية، احنا بنتولد باعضاء تناسلية مذكرة او مؤنثة و حالات شديدة الندرة inter sex  و بعدين هويتنا الجنسية يعني احنا شايفين نفسنا رجالة و لا ستات بتتنامي حسب رؤيتنا و المجتمع اللي حوالينا ، و برضه بنتولد نلاقي لنا ميل جنسي معين . في اي حد فينا اختار انها تبقي بنت و تحب الولاد ، او انه يبقي ولد و يحب البنات . بنفس المنطق المثليين بيجدوا انفسهم في مزنق ، انه علي عكس كل اللي اتربوا عليه بيبقي الولد بيحب ولد زي و البنت تحب بنت زيها . و لك ان تتخيل الموقف اللي بيبقوا فيه انهم ممكن ما يكونوش قابلين وضعهم دة اصلا ، دة غير انه طبعا مرفوض من كل اللي حواليهم .
تخلي مثلي متدين مثلا ، و تخيل كمية الالم و الغضب اللي بيطوره تجاه نفسه بس لانه خالف امر ربنا . في مواقف كتير صعبة في الدنيا اصعبها انك تكون كاره لوضعك في مجتمع كارهك. طبعا الناس المتصالحة مع نفسها و مدركة انه مفيش حاجة بايدها بتعاني برضه مجتمعيا بس علي الاقل ممكن روحهم تمر بلحظات سلام.

مجرد خاطرة في ذكري حادثة كوين بوت .... في اليوم المصري لمناهضة التمييز ضد مثليي/ات الجنس

Saturday, May 5, 2012

جواي زحام




امبارح كان يوم غريب اوي اوي ....يمكن اغرب ايامي من فترة طويلة ....صحيت متأخرة اوي  لاني سهرت الليلة اللي قبلها اقرأ قصة "نور القمر " بتاعة نجيب محفوظ و للاسف علي ان اعترف ان دي اول مرة اقرأ له اي حاجة . المهم نمت بعد الشروق و انا فرحانة و معلقة معايا جملة شديدة العذوية " العقل يصمت عندما تغني اهازيج الهوي " و قعدت اخد و ادي مع نفسي في معني الجملة العبقرية دي .
المهم صحيت الساعة 6 و نص و اتخضيت اني غبت في النوم كدة ...لبست بسرعة و خرجت عشان احضر حفلة "عشرة غربي باند" و انا و لا في دماغي يعني . المهم كلمت صديق قال اللي الدنيا خربانة و يارب تعرفي تجي من مصر الجديدة للزمالك . المهم السكة كنت معقولة لغاية ما طلعت كوبري اكتوبر . الطريق الذاهب لوسط البلد ، ولاد ابو سماعين تعاملوا معاه انه جراج و ركنوا و كانوا بيتحركوا في مجموعات متجهة لمنطقة المواجهات . و الطريق الذاهب من وسط البلد لمصر الجديدة و مدينة نصر الناس برضه كانت راكنة بتتفرج علي ماتش المصارعة اللي تحت. المشهد دة قتلني حسسني اننا انقسمنا جزءين جزء استساغ الفناء لما يعتقد انه الحق و اخرين استبدلوا قنوات المصارعة بمشاهدة فظائع الجيش . مجرد الفرجة بدون تدخل و في حالة صمت كان قمة في التلبد بالنسبة لي ، انا عارفة ان اسهل رد انا ما في اليد حيلة بس برضه يعني انا تعبت من دم القرابين اللي بتتقدم و مش عارفة بتتقدم ليه و لا امتي .
بعدين قررت بشكل واعي اني ها افصل و انبسط و دة اللي حصل ، فرقة " عشرة غربي" حسستني احساس غاب عني من اول الثورة وسط الهتاف و الضمير الجمعي اللي طغي علي اي تفاصيل شخصية . كانوا بيغنوا اغاني بني ادمين ، مشاعر فردية اي حد ممكن يقولها و يحس بها ، المشاعر اللي بنحكيها في جلسات الدردشة الصافية لاقرب صديق . في لحظات كان عندي خاطري اني قطعت المدينة و بعدت عن جزءها الدامي عشان اسمع مزيكا و ارقص، للحظة حسيت اني استخسرت في نفسي الضحك و انا عارفة ان في اللحظة اللي انا بارسم ذكري سعيدة في قلبي ، غيري في النصف الاخر من المدينة بياخد خرطوش و لا بيتشحن في عربية ترحيلات عشان يتحاكم عسكرية . بس برضه بشكل واعي قررت اني من حقي انبسط و من حقي اشحن بطاريتي سعادة و فكرت نفسي اني مش مناضلة و مش باخوض كفاح، انا بس باشتغل لقضية مؤمنة بها ، بس انا نفسي ضعيفة و في حاجة ماسة و دائمة للصيانة و للرأفة.
المهم ، مزيكا "عشرة غربي " اللي جاية من الجنوب و صوت احمد ياسين اللي طالع في اعمق نقطة في قلبه هزني و حسسني ان فرح حق مشروع. فرحت و مسني الكلام و جاه لي علي الجرح لما قال " احساسيس شايلينها ...و هي كمان بحالات" فكرتني بهمي الشخصي و حررتني كمان ..... اه انا كنت دايما شايفة الحقيقة بس مش باعمل لها process  .
و طبعا في وسط الحفلة جاء لي واحد دوجما ، و باقول له شفت ازاي هما بشر و تونهم واطي مش مقاتلين و لا ميليلشيات و بيخاطبوا البني ادم اللي فينا ، قال لي اسكندريلا بتنزل الميدان معانا و هما مطربين الثورة ، اتفرست و قلت له عشان كدة الحفلة الوحيدة اللي روحتها لاسكندريلا ، كل اللي حواليا صدروا لي طاقة سلبية و حسسوني ان احنا كتلة واحدة مش بشر متفردين ، علي اي حال انا ما ليش في الناس اللي تونها عالي و بتحارب علي طول الخط.
بس بقي و لاني برة التاريخ برضه ما ركزتش ان في حذر تجاول و مش ها اعرف ارجع مصر الجديدة ، الا الساعة 12 و اضطريت ابات عند صديقة. و انا حظر التجول من اكتر الحاجات اللي بتخوفني ، لسة فاكرة ماما و هي بتعد ارغفة العيش و تتأكد ان في اكل كفاية و تزعق و تقول اشتروا اللي ناقص قبل الحظر في ال 18 يوم .
ما عرفتش انام و فضلت افكر و افتكرت جملة قريتها علي الفيس بوك ان المصريين بيطوروا حالة "كربلائية" نموت و نحن سعداء .... انا زهقت من عد الشهداء و المصابين و المسجونين .... حاسة اننا بقينا زي فلسطين اللي عادي انك تسمع قصف و ان 10 ولا 20 راحوا و لا باكستان اللي كل جمعة جامع يتفجر....عند انهي عدد عداد الخسائر ها يقف ...امتي مصاص الدماء ها يشبع ...بعد كل عين مفقوعة ها يسكتوا  . و زي العادي قعدت اقول ها تبقي جزائر و اسلاميين و العسكر يدبحونا في النص و لا باكستان العسكر و الاسلاميين يهادنوا و برضه يدبحونا و لا ايران الاسلاميين يسوقوا علينا الباسيج و برضه يدبحونا ..... و انا مش اسلاموفوب عشان المزايدات و باتحسب ايدولوجيا علي شمال شمال الاسلاميين . تعبت بقي اوي و قررت انام بعد يوم مشاعري اتغيرت فيه مليون مرة.
و في الاخر ..... اللهم اني مغلوب فانتصر

Wednesday, May 2, 2012

يوميات مصرية سوداء

نوبية ترتدي الزي التقليدي الجرجار



نشر هذا المقال في جريدة الشروق في منبر القراء في 9 ابريل 2012

في وسط كل الضجيج والصخب السياسي، تبقى المشكلات التي تؤثر عليك بشكل يومي هي الأكثر حضوراً في ذهنك. وبرغم كل الكلمات المقعرة عن النضال، تبقي النضالات الصغيرة الشخصية هي الأقرب صلة بالشخص. هذا ما أشعر به دائما، أشعر أن معاركي الصغيرة هي التي ترسم تفاصيل يومي.

ولهذا قررت أن أقص عليكم تفاصيل يوم من أيامي. في العادة يبدأ يومي بالذهاب إلى العمل وفي الطريق عادة ما أقابل من يستعيذ بالله من اليوم الأسود فور رؤيته لي. علي أن أشير إلى أني سوداء البشرة وأضف إلى ذلك خلقت في جسد أنثى، ولهذا كثيرا ما أعاني. وأستكمل طريقي لأجد من يتعامل معي علي أني سائحة أفريقية أو أمريكية سوداء بسبب تسريحة شعري. وتلاحقني التعليقات التي تشير إلى لوني وتحمل في طياتها تحرش جنسي.

لم اعتد علي الأمر- ولا أظنني سأعتاده- رغم أنني أعيش مع هذه التفاصيل طوال عمري، وأجد كل تعليق أكثر إيلاما من التعليق الذي سبقه. منذ الطفولة وكنت أواجه أسئلة زملائي في الفصل الذين يستعجبون أنني سوداء، وكنت أرد ببساطة أن أمي وأبي سود أيضا، وأنا فقط أشبههم، وأن أبناء عمومتي وأبناء خؤولتي أيضا سود.

لم أكن أعي أني نوبية بعد، وعندما أدركت الهوية وما تحمله من تاريخ مصحوب بالألم، أضيفت معاناة لقائمة معاناتي. أتذكر أن السبة المفضلة التي كان يناديني بها الأطفال هي يا "سودة"، في البداية لم أكن أشعر أنها سبة وكنت أقول وما العيب في ذلك. إلا أن رد فعلي تطور مع الوقت وأصبح أكثر عنفا وحدة.

دوما ما كنت أتعامل مع الإساءات العنصرية أنها نتيجة جهل وصور نمطية سلبية يعززها الإعلام، حيث لا يظهر الأسود إلا في صورة العبد أو الخادم وترتبط به صفات سلبية دوما. للأسف نحن نحيا في مجتمع لا يرانا و لا يعترف أننا نشاركه هذا الوطن. كم أستاء عندما أطالع الجرائد وأجد إعلاناً يطلب سائق نوبي أمين، ولطالما احترت ما سبب ربط جماعة بشرية كاملة يختلف أفرادها في مؤهلاتهم مع الوظائف الدنيا.

لا يمكنني أن أنسى تلك المحاضرة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، في السنة الرابعة في مادة السياسة الخارجية، حين قال أحد اقطاب الفكر الجديد في الحزب الوطني المنحل "مش النوبيين دول الناس السود اللي بيطلعوا في الافلام القديمة" ساعتها انعقد لساني ولم أستطع أن أرد عليه بما يستحقه. لم أجد كلمات تعبر عني سوى أن مصر بوتقة صهر.

والآن تبين لي أنها لا تصهر أبناءها لينسجموا بل لتمسخهم وتلك بعض العنصرية التي أواجهها علي يد أبناء وطني للأسف، فالإساءات ليست مقتصرة على المواطنين، ولكن الجهاز الحكومي أيضا.

ما دفعني لكتابة هذا المقال هو معاناتي في الجوازات اليوم 8 إبريل 2012، قد يعتقد البعض أنني عانيت من سخف البيروقراطية المصرية المتداعية، التي رغم أنها ميكنت فإنها ما زالت غير فعالة وخارج إطار الزمن. إلا أن ما قتلني هو ما تعرضت له اليوم من خطابات عنصرية.


في البداية توجهت إلى المجمع لاستخراج جواز سفر وعند كل مرة سألت فيها عسكري أو ضابط أين اتوجه لاستخراج الجواز كان الجميع يشيرون أن تجديد الإقامة في الأدوار العليا مفترضين أني لا أنتمي لمصر بسبب لوني.. وعند كل مرة أسأل أين شباك تقديم مستندات الجواز.

كان الجواب الصفيق "وهوا انت مصرية أصلا" وعند تكرار السؤال للمرة الخامسة أو السادسة صحت غاضبة، وهوا يعني لو انا مش مصرية ها اجي اطلع باسبور من هنا ليه اصلا؟؟، وكان الرد مصحوبا بالوجوم بسبب حدتي، واستكمل العسكري قائلا "افتكرتك معكي جنسية تانية " محاولا تصليح موقفه.

وحتى تزداد الطينة بلة هالتني ورقة معلقة في الجوازات أنه لا يجوز للأم أن تستلم جوازات أطفالها، إلا بشهادة الميلاد وكأنها ليست ولية على أطفالها. فجعت وشعرت بالإهانة كامرأة وكسوداء.

صراحة ضقت ذرعا من شعب اسمر يتعنصر علي السود، بأي منطق شعب يعاني من عنصرية بسبب كونه عربي وشرق أوسطي، يمارس عنصرية علي من هم أغمق منه لونا ضقت ذرعا ولا يمكنني أن انسى كل السخافات التي مررت بها، والحكايات التي استمعت إليها من نظرائي "السود".

لا يمكنني أن أنسى تفاصيل قد تبدو للكثيرين عادية، كم أستاء عندما أجد سيدات نوبيات في وسائل المواصلات يتحدثن النوبية ويتهامس من حولهن "برابرة"، حتي في المقاهي الشاي علي الطريقة النوبية هو الشاي " البربري". لا يمكنني أن أنسى عدم تعاطف الكثير من المصريين مع ضحايا مذبحة مصطفى محمود في 2005 لأنهم "سود وريحتهم وحشة ووسخوا المهندسين".

يسكنني العجب والضيق من شعب يدعي أنه متكافل وهو لا يحترم المختلف، أيا كان سبب اختلافه، فإذا لم تكن رجلا أبيض مسلم تقطن القاهرة، فلتتحمل الآلام التي ستلاحقك طول حياتك داخل حدود هذا الوطن. كنت أعتقد أن جمال مصر يكمن في تعدد ألوانها وكنت أشبه مصر بالفسيفساء الجميلة الذي تسكن فيه الألوان المختلفة جنبا إلى جنبا في تناغم، إلا أن البعض لا يري التنوع ثراء، وينفي الآخر ولا يعترف بوجوده. وعلي أن أعترف أن عنصريتكم تخلق عنصرية مضادة، عندما تسمع نوبي غاضبا يصيح فيك "جورباتي" اعلم أنك من أوصلته إلى هذا الدرجة بسبب العسف الذي يلاقيه يوميا. فهل هذا ما نسعي إليه. هل نسعي إلى مجتمع، تنغلق كل فئة علي نفسها وترفض وتنبذ الآخر. هل هذا هو الوطن الحلم؟.

إذا كنت يا مصر وطنا لي، فيجب على أبنائك وعلي من يديروا شئونك أن يحترموني فقط لكوني مصرية، وألا يروا إلا مصريتي بغض النظر عن ديني أو جنسي أو لوني أو عرقيتي. فيا تري يا مصر هل أنعم فيك ببعض الاحترام، هذا غاية ما أطلب. علي أن أعترف أنني لم أعد أحتمل صراعاتي الصغيرة، وأنها لا ترسم تفاصيل يومي فحسب بل تنغص أيامي وتحفر أخاديد من الألم في قلبي.