Wednesday, February 5, 2014

عن صغيري الذي صار رجلا


ليس كمثله احد في البشر ... يندي له قلبي لمجرد ان اراه
 
هذا الصغير الذي راقبته يكبر و ينضج و يزداد بهاء و ضياء 
ذلك القادم السعيد الذي كفأنا به الاله بعد عام مؤلم تعرض فيه ابي الي وعكة صحية كادت تودي به ... جاء هذا الصعير ليرسم البسمة علي شفاهنا و لعب هذا الدور طوال حياته و الي الان 
اتذكر ذلك اليوم السادس من فبراير 1989 ..حين اهل علينا محمد إمام بوجهه الصبوح... اطل علي العالم باسما ..صغيرا ..يحمل قدرا كبير من الجمال و الرقة و احاطناه بكل ما يمكن لقلوبنا ان تنتج من الدفء ... اتذكر يوم ولادته ..انا و نهال صديقتي الصدوقة و انا في الصف الثاني الابتدائي ، عكفنا علي اختيار الاسماء ... الا انهم اجهضوا حلمنا و اسموه محمد ، ليكون محمد بعد المئة في عائلتي 
اتذكر سبوع محمد ..جدتي تحمله ..و هو يرتعد من البرد ..متدثر بشال ملون باللونين الوردي و الازرق ..لان امي دائما ما تحضر نفسها لاستقبال مولود من اي نوع ...اتذكر فرحتي انا و هبة بان الحفل في بيتنا و اننا من نرقص فوق طاولة السفرة 
ما زالت اتذكر محمد و صغير جدا في مباريات كأس العالم في ايطاليا 1990 ، كان عمره بضع شهور و حمله ابي في مباراة هولندا و طاف به البيت هاتفا جوهري جوهري و محمد فرح لم يخف... اتذكره في نفس الصيف و يلهو علي الشاطئ و كل عابر يبتسم له و يداعبه و يطلق عليه اسم اللاعب الكاميروني ميلا و هو يعرف بشكل ما ان ميلا هو ذلك الافريقي الراقص بعد احرازه اي هدف ...
اعتقد ان علاقتي بمحمد قوية لاننا تشاركنا اوقاتا خاصة كثيرة .... انا من كنت اصطحبه من الحضانة الي البيت و اصطحبه من المدرسة الي البيت و كان شديد السعادة انني في الصفوف الثانوية بينما هو في الابتدائي و يومي الدراسي اطول ، لان ذلك يتيح له فرصة لعب اطول في فناء المدرسة .
كنت احب عندما يعود الي البيت و يقول : الميس قالت  لي انت شاطر زي فاطمة ...و ينظر لي في حنو و ضيق في نفس الوقت انني اصعب عليه الوضع و احمله ضغطا ليجاريني في هوس لدرجات افضل.
كم احببت كفه الصغيرة و حكاياته عن حضانية البطاطس ، اسمي حضانته حضانة البطاطس لانها في شارع السوق 
احببت وفاءه منذ الصغر لصديقه الاقرب احمد ..كنت استمتع بهم و هم يتحركوا كتوءم ...يفكروا سويا ..يتشاركوا الاحلام .. و تألمت بشدة لالمه عندما ابتعد الصديق
كم احببت قراءاتنا لنفس الكتب و نقاشاتنا ...دعمه له في عملي و فخره بي و هو يقول فاطمة دي اختي الكبيرة ...يجعلني اشعر ان لي قيمة ما عند من اهتممت به منذ صغره.....
صغيري الذي نما في احضان نساء كثيرات كان مصدر ضحك دائم ... كان يشاغب جدتنا الكبري فاطمة اوش الله و يعلمها العربية التي لم يتقنها بعد و كان يخلق سعادة في اكأب اللحظات ...ظل يمسك اي جريدة و يمثل انه يقرأ عن اكثم ..الناجي من زلزال 1992 و يدور في ارجاء البيت ...و كان اكثم ...كان اكثم و تتعالي ضحكاتنا ....و سألني يوم موت فرانسوا ميتران رئيس فرنسا الاسبق ... : هما بيغنوا ليه في العزاء هما فرحانين انه مات ؟؟ و انهارت ضاحكة و حاولت ان اشرح له انها ترانيم المسيحيين مثل القرأن لدينا 
رغم انه الصغير و انه من المفروض ان يكون المدلل فهو اخو البنات ...الا انه طور تحمل للمسئولية منذ نعومة اظافره مختلطة بطاقو للرعاية و الاهتمام الدائم 
صغيري الذي اجد فيه عوضا عن الاب الذي حزم امتعته مبكرا، اجد فيه عوضا عن ايام صعبة عشناها متحلقين نحن الاربع انا و ماما و اخوتي حول بعضنا البعض ..مستبعدين من العائلة الكبيرة .. الا انه ادهشني بقدرته علي التسامح و الرقي عن اخطاء الاخرين ، التي لم تكن لماما باي شكل من الاشكال 
صغيري ..فاجأني حين رأيت اول مرة ببدلة رسمية ...احسست ان الايام مضت و بسرعة و ان الصغير صار رجلا يسر القلب و الخاطر .... كنت انظر له يوم اول تجمع عائلي في بيتنا الجديد  بانبهار ...انك انضج من من اعمارهم تساوي ضعف عمرك و تحمل صبر امك و صفاء قلب ابيك
جمعت خير ما في هذه الاسرة و جودته ...اتمني ان تعاملك الايام بما تستحق 
صغيري يتم غدا عامه الخامس و العشرين 
ربع قرن امضاه يدخل الي قلبي السرور و الامان 
دمت قرة عين لي يا حمادة ....  

3 comments:

مصطفى شوربجى said...

يستغرب على اللى مهنته الكتابة العلمية ، ازاى ليه قادر يكتب بالحميمية والنعومة دى
هنيئاً لك بحمادة ،، وهنيئاً لحمادة بك

مصطفى شوربجى said...

لسه *

Fatma Emam said...

اولا في حادثة غير مقصودة مسحت التعليق الاطول ..انا عندي هاجس تكلس المشاعر و ان كل الفاظي و افكاري تدور في فلك العلوم السياسية و قوانين حقوق الانسان ...طول الوقت باحاول ارمي قبعة الباحثة و افكر نفسي اني بني ادم يحمل تعقيدات مفيش اي منهجية علمية تعرف تتعامل معاها :)