يبدو ان بعض القضايا لا تبطل و يستمر الجدل حولها الي ما لا نهاية و من هذه الموضوعات موضوع الحجاب سواء فرضه او رفضه . لقد انتشرت مؤخرا دعوات تزعمها شريف الشوباشي لمظاهرات لخلع الحجاب مدعيا انها ستؤدي الي التقدم و مؤكدا ان فتيات و نساء مصر تعرضن للارهاب و الضغوط لارتداء الحجاب و قد قوبلت باستنكار واسع علي وسائل التواصل الالكتروني ، و قد تقدم بطلب اذن للتظاهر في ميدان التحرير في اول مايو ، هذه الدعوات ما هي الا رد فعل او وجه اخر لعملة فرض الحجاب قسرا . فقد اكدت المؤسسة الاسلامية الرسمية في خطاب احد زعمائها و هو المفتي علي جمعة علي فرضية الحجاب و انه احد تعاليم الاسلام المؤكدة ، كذلك اكدت المؤسسة الاسلامية الازهر رأيها في فرضية الحجاب في رفضها لرسالة الدكتوراة المقدمة من الباحث مصطفي محمد راشد التي تذهب الي ان الحجاب عادة و ليس فرض دينيا و قد قام الازهر بنفي منح هذا الباحث الدرجة العلمية و اكد انه بالمرصاد للافكار المنحرفة.
في ظل هذا الاستقطاب ، اجد نفسي في وسط دعاوي تنكر علي المرأة استقلاليتها و تتعامل معها ككم مهمل ، تغدق عليها بنعيم الثواب او تتعالي عليها و تتهمها بالتخلف و الرجعية . ما يحدث في مصر من تراشق علي موضوع الحجاب يذكرني بما جري في ايران من منع للحجاب في محاولة لمحاكاة الغرب في عهد رضا بهلوي في عام 1936 و فرض الحجاب في بداية عهد الثورة الاسلامية في تاريخ مميز يسبق اليوم العالمي للمرأة في عام 1979. و علي اثر هذا القرار خرجت مظاهرات غاضبة من القرار الذي فرض الحجاب قسرا علي الايرانيات . علي الرغم ان مصر لم تستخدم التقنبن التشريعي في فرض او منع الحجاب الا ان الااليات المجتمعية ما زالت تضغط علي النساء في الاتجاهين رفضه او فرضه
ما يجري في مصر من استقطاب لا يضع في حسابات ارادة النساء و لا يحترم خياراتها و يتعامل معها علي انها حاملة الدين و المدافعة عنها او انها حاملة شعلة الحداثة . يصعب علي اي نسوية تقبل هذا الجدل الدائر . فالحجاب يجب ان يكون خيار فردي قائم علي قناعة سواء قبلت بالحجاب او رفضته . ان تكالب القوي المجتمعية علي وضع النساء في قوالب جامدة سابقة التجهيز لا تراعي فرديتها او حريتها و تتناول موضوعات تخصها دون ان تدرجها حتي في المعادلة
ليس بحجاب النساء او سفورهن تحل العفة او تتحرر النساء ، بل عندما تتخذ النساء قراراتها الشخصية في بيئة لا تحاسبها و تنصب لها المحاكمات و تحقرها