انا عارفة ان ما حدش بيختار مصيره و مش مهتمة اوي بجدلية مسير و لا مخير
لاني حاساها عبثية بشكل ما ....... بس انا في اللحظة دي من الزمن في المكان دة من
العالم .... ما كنتش اتمني ان يبقي دة مصيري و مصير جيلي
انا كنت سعيدة اوي اني ما اتولدتش
في جيل حرب، ابويا كان عسكري في 1973 و امي كان بتحكي لي علي دهان الشبابيك باللون
الازرق و جدران الدفاع المدني قدام البيوت ...و انا شفت في افلام عن اكتوبر الم
فكرة الموت حتي لو كانت تضحية لشئ اسمي ... منظر مدرسة بحر البقر كان رعب طفولتي
الاول ، حتي الحروب اللي كانت بعيدة ابويا كان بيجيب معاه مطبوعات الاغاثة
الاسلامية عن البوسنة اللي بيتفننوا انهم ينقوا ابشع الاحداث و ابشع الصور و لا
ظروف طبيعية مأساوية زي مجاعات الصومال
مثلا
و برضه كنت سعيدة اني مش من جيل انتفاضة الخبز اللي حاول و انكسر من
الديكتاتور و عاش عمره بالانكسار ، ما كنتش ها اتحمل غصة الم الهزيمة اللي شايفاها
بتتمثل في اوضح صورها في اروي صالح اللي كتبت عن معاناة الجيل دة و المها الشخصي
فاقه و حطت له حد بيديها.
انا من اتولدوا و صورة مبارك في الفصل من كي جي 1 لرابعة جامعة في
المدرج و كان قدر و تقليد مصري اصيل زي الزحمة ، و لما كنت باشوف حراك مثلا زي كفاية و لا اضراب
المحلة بس خيالي كان عاجز و لا قاصر و مش متصورة اني ها انزل و لاول مرة في عمري
اعتصم في 1 فبراير2011 في التحرير و اننا ممكن نهز عرش الفرعون . انا من اللي
اترعبوا و خافوا مصر تبقي الجزائر في التسعينات و انا شايفة طارق الزمر في
التليفزيون و خايفة انها تبقي افغانستان او ايران لما باشوف الوجوه المعتمة علي
قنوات السلفيين و هما بيطلعوا علي شاشاتهم
اي حاجة غير سماحة الاسلام. مش عارفة استشرف مستقبل و الغموض بيقتلني من الخوف و
ما عنديش ثقة في اي من الاطراف
انا تعبت ... تعبت اوي و طاقتي بتنفذ او نفذت .... مشواري اليومي من مصر
الجديدة لوسط البلد في المكتب القديم طريق مفروش دم من اعتصامات عند وزارة الدفاع
و مسيرة العباسية و جنازة شهداء ماسبيرو و دلوقتي علي بعد ميدان واحد من بيتي احداث الاتحادية و كذلك المكتب الجديد في القصر العيني .... للاسف
انا انسانة تعتمد علي الذاكرة المرئية انا باشوف الاحداث شريط فيديو في طريقي و
الشريط كل شوية يزيد مقطع ، البلد اللي كانت ذكريات لمة الصحاب علي القهاوي و لا
تمشية وسط البلد بقت اماكن لاضرحة الشهداء
تعبت .... و مش عايزة اطفش من البلد مش عايزة نسيبها لهم مخضرة ، بس الجلد
قل ، حتي قدرتي علي الانغماس في التفاصيل اليومية بقيت صعبة .... احساس بحب و لا
سعادة بقي رفاهية و مش وقته و اضطراب
الوضع العام بينعكس و بيطفي اي ومضة سعادة شخصية او انجاز و الله الواحد ساعات بيتكسف انه في دنيا و البلد
في دنيا تانية . دة غير احساس مترسخ بالعجز لاني لاسباب خاصة ما اقدر اتحمل ضغط
المواجهات لا علي الخط الاول و لا حتي في محيطها الا نادرا جدا لو راداري الامني تعطف و سمح لي و
دة ما حصلش من ساعة اعتصام يوليو الا في الوقفات ضد بيع ارض النوبة ... بيقتلني احساس
اني في البيت في الدفا و اصحابي في الشارع بيتخرطشوا و لا بيترمي عليهم غاز و اسوأ
شعور بيعتريني ، باحس اني ناقصة رجل و لا ايد و بعد الم العجز ابتدي جولة التليفونات
اتأكد علي الناس و مع كل رنة ادعي ربنا
اني ما اسمعش اخبار وحشة .... الحمد لله الاقدار رحيمة ما خسرتش صديق بموت او
اصابة شديدة .... اه قابلت قصة ابتدت مع الثورة و اتهرست في وسط اللي اتهرس من
حاجات و برضه تبقي الغصة في الحلق و اقول لو كانت الايام تنعدل ، طب هو احنا عملنا
ايه نستاهل كدة، لو العدل فعلا هو اللي بيمشي الموازين ، بخت جيلنا قاسي اوي اوي
في الشخصي و في العام
و دلوقتي ما حيلتي الا اسئلة خيبانة بتبين قلة رجايا ، امتي تنتهي اللعبة
دي و لصالح من و هل يومها لو مش في صالحنا ها نبقي زي جيل 77 عايشين بقهرتنا ، لا
و احنا قهرتنا اكبر علي الاقل احنا حققنا نصر مرحلي ، خلعنا الطاغية و قاومنا طغيان و مذابح منظمة لمدة سنتين ......
ايه اللي جاي ها نطفش و لا نمشي مع التيار و نطاطي و نشرب العلقم تاني ....انا مش
عايزة كدة و الثورة صعبة و الاصعب اني مش عارفة الشد و الجذب و تقطيع اوصال الجسد دة
ها يستمر لامتي . امتي القاتل ها يعاقب و اللي حمل شرارة الثورة لمصر هما اللي
يتصدروا الموقف . امتي ها ابطل احس بذنب
اللي مخلوط بالقلق ... مش ممكن حياتنا كلها تبقي توقع الضربة الجاية جاية منين و
امتي .... انا من حقي اني افرح و دة وقتي
...شبابي و شباب جيلي مش ها يتهدر في مسيرات برت كعوبها و هما شايلين نعوش .....
من حقنا نعيش و ننسعد ..... القبور مش مكاننا احنا ....و عيوننا من حقنا تشوف
النور مش تتخرطش
انا فاض بيا و حاسة ان كل طرف جاب اوسخ ما في جوفه .... و كل الطبول دقت
علي الراس ...اخرتها ايه بقي و اخرتنا احنا ايه ..... اللي بيجري لنا دة استنزاف
منظم ، في دول تتمني نسبة الشباب اللي عندنا...تبني و تعمر بهم و ليهم ...انما احنا رخاص اوي في بلدنا .... و مقابر
اللي فاتحة جوفها امتي ها تتقفل .... امتي ؟؟؟!!!!
الا من مجيب