اود ان أوضح بعض النقاط الأساسية في هذه
التدوينة عن اخر تحديثات القضية النوبية و اكتبها علي خلفية اعتزام النوبيين إقامة
وقفة احتجاجية غدا ثالث أيام العيد الأضحى ، و ترجع أهمية توقيت الوقفة في تدفق
النوبيين النازحين من القاهرة و الإسكندرية و مدن القناة الي محافظة اسوان احتفالا
بالعيد الاضحي و الذي يشهد اكبر تجمع نوبي.
ستقام هذه الوقفة احتجاجا علي سياسات الحكومة
المصرية التي تنتقص و تنتهك حقوق النوبيين التي اقرها الدستور المصري.
خلفية عامة عن الاحداث :
تأتي هذه الوقفة ردا
علي ردة تاريخية و انتقاص من حقوق النوبيين التي وردت في الدستور ، و لعل محور
الانتهاكات يدور حول حق العودة الي الأراضي النوبية التاريخية الذي اقره الدستور
في المادة 236 التي تنص علي التالي:
"تكفل الدولة وضع
وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة،
ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وذلك بمشاركة أهلها فى مشروعات التنمية
وفى أولوية الاستفادة منها، مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلى"
تعتبر المادة 236 السند الدستوري الذي يستند اليه النوبيون في
المطالبة بحق العودة ، فكما اقرت المادة التي تعترف بحق عودة النوبيين الي أراضيهم
التاريخية حول بحيرة ناصر او بحيرة النوبة في قول اخر. و علي الرغم من إقرار المادة
لحق العودة الا ان هناك تباطئ حكومي في تنفيذ هذا الحق و اخلال بمضمون هذه المادة
من خلال سلسلة قرارات جمهورية تتعارض مع حق النوبيين الدستوري.
فعلي سبيل المثال أصدرت رئاسة الجمهورية القرار 444 القاضي بترسيم 17
قرية نوبية من العلاقي شمالا الي ادندان جنوبا كحدود عسكرية يحرم التنقل و السكني
فيها ، و من الجدير بالذكر ان هذا القرار اقتطع 125 كيلو متر من أراضي النوبة
التاريخية و عينها حدود عسكرية مما يتناقض جملة و تفصيلا مع نص المادة 236. و من
مدعاة السخرية ان الحدود المصرية مع إسرائيل الي اقرتها اتفاقية كامب ديفيد لا
تتجاوز 5 كيلومتر بينما حدود مصر الجنوبية تزيد عن 100 كيلو.
و من المهم ذكر ان النوبيين اتبعوا طريق مقاضاة الدولة رفضا للقرار 444 و اقرت هيئة مفوضي الدولة رفض القرار 444 و هو رأي استرشادي الا انه يعد مؤشرا.
تبع القرار الجمهوري قرارات اخري رسخت ايمانا لدي النوبيين ان الحكومة
تستكمل نهج الحكومات المصرية في انتهاك حقوق النوبيين العادلة و منها القرار 355
الذي قضي بضم أراضي توشكي و فرقوندي الي مشروع المليون و نص فدان الذي تروج له
الحكومة ، الا ان ذلك قوبل برفض عارم و غضب من جموع النوبيين و تبلور الرفض في
تشكيل قافلة النوبة في نوفمبر 2016 التي اعتصم فيها النوبيين في ارضهم التاريخية
لمدة خمسة أيام و أجبر النوبيين الدولة علي شطب أراضي توشكي و فرقوندي من كراسة
شروط المشروع.
لا تنتهي معركة مع الحكومة حتي تبدأ معركة اخري ترتكز علي محورية و أهمية
الأرض بالنسبة للنوبيين و هناك سعي حثيث من الحكومة علي السيطرة علي أراضي النوبة
و كانت اخر تجليات رغبة الحكومة في انتزاع الأرض من النوبيين مشكلة حصر أراضي و
منازل النازحين، حيث أعلنت الحكومة علي شروط مجحفة لتعويض النوبيين النازحين منذ
تعلية خزان اسوان في عام 1932 الي 1964، حيث وجد الاف النوبيين معضلة في اثبات
حيازتهم للأرض و الممتلكات الأخرى و اضطلع القانونيين النوبيين بالعمل علي إقامة دعوي
قضائية تطعن علي إجراءات الحصر و تطالب بمعاملة عادلة للنوبيين.
علي الرغم من محورية الأرض للنوبيين كسكان اصليين طبقا لتعريف الأمم المتحدة،
الا ان الثقافة و اللغة النوبية جانب هام جدا من المعضلة النوبية ، فقد اقر
الدستور التعددية الثقافية في مادته ال 50:
" تراث مصر الحضارى والثقافى، المادى والمعنوى، بجميع تنوعاته
ومراحله الكبرى، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم
الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافى المعاصر المعمارى والأدبي
والفني بمختلف تنوعاته، والاعتداء على أى من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. وتولى
الدولة اهتماما خاصا بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر".
للأسف تنتهج الحكومة نهجا يتجاهب الخصوصية الثقافية النوبية و لا تدعم
أي مبادرة للحفاظ علي التراث الملموس و غير الملموس النوبي و الحفاظ علي اللغة
النوبية من الاندثار.
نهاية هناك تخوفات من نزع ملكيات الجزر النوبية هيسا و عواضة و نارتي
و بيع للمستثمرين في اطار استغلال الجزر النيلية مثل جزيرة الوراق ، للأسف الانسان
النوبي و تراثه و ارضه يتعرضوا للقمع منهجي من الدولة و للأسف لا تنتهي إشكالية حتي
نواجه باشكالية اخري.
لدي قولا واحدا حقوقنا، كفلها الدستور و اقرها ملايين المصريين
بموافقتهم علي الدستور و لن يكف النوبيين عن المطالبة بحقوقهم التاريخية الا ان
يشاء الله يقضي امرا كان مفعولا.
.
No comments:
Post a Comment