ها اشارككم أحد قصصي، وهي قصة الحجاب، اتولدت في عيلة متدينة وكنت مثال
الفتاة المثالية شاطرة في المدرسة ،مطيعة، خلفيتي متدينة جدا. امي
لبست الحجاب اول ما اتولدت. لسة فاكرة صورتها في المصيف و انا ما كلمتش سنة و هي
بالحجاب. امي مش مجرد ام عظيمة ، امي بوصلتي الأخلاقية و مثلي الاعلي. لسة فاكرة أنى
لما تمت 12 سنة ماما اشترت لنا مايوه بشورت وفاكره اول مرة لبسته وازاي البنات استغربوني.
انا شخصيا حسيت بإحساس مش قادرة اسميه او قادرة أنى اعرفه. ساعتها حسيت ان انا مش زي كل البنات اللي في
سني. استغربت ماما ليه تغطيني ،عمري ما حسيت اني عورة. عمري ما فهمت ليه الست
تتغطي و الرجل لا
ولما بقيت عندي 14 سنة، اعترفت على زميلة راجعة من الخليج وبأزورها كل
أسبوع عشان اتفرج على حلقة عمرو خالد، الداعية اللي كان بيروج للحجاب والاف البنات
اتحجبوا بسببه وانا كنت بطبعي بنت مطيعة وباعمل الصح، فاتحجبت وبابا اعترض وقال
انتي لسة صغيرة وانتي مش نموذج للمسلمة. ما فهمتش عبارة " انتي مش نموذج
للمسلمة" وقررت اتحجب رغم رفض بابا. طول عمري كنت mainstream girl ، كنت بنت عادية زي ملايين البنات المصريات،
عايزة ابقي ناجحة و ارضي اهلي و أحاول
اخلي اساتذتي يحبوني. لبست الحجاب عشان شفته فرض. و ايات الله في الحجاب كانت
مرجعيتي و خريطتي لما اتحجبت.
لسة فاكرة فرحتي لما الولد اللي انا معجبة به هنئني بالحجاب، فضلت مثال لمسلمة متدينة
في المدرسة الثانوية وفي الجامعة ابتدأت اتعرف على نسويات في أنشطة الجامعة وكنا
قابلين اختلافاتنا، كانوا بيتنمروا عليا بهزار عفوي ومسميني "المرجعية الإسلامية"
عشان كل تكليفاتي في الجامعة كانت عن إيران و كان اهتمامي في كلية الاقتصاد و العلوم السياسية . جامعة القاهرة
كانت عن ايران
اللي فيها احسن نسويات اسلاميات في العالم. الا ان الحجاب الاجباري في ايران كان
مؤرقني و كنت حاسة ان من حق أي ست انها تتحجب لو عايزة او او ما تتحجبش لو مش
عايزة.ودة كان بداية التعرف على نظرة تانية لموضوع الحجاب. قرأت عن الثورة
الإسلامية ومن اول قراراتها فرض الحجاب على الايرانيات، بدأت قراءة مدونات لنساء
ايرانيات وكنت في هذا الوقت ارتضيت الحجاب كفعل طوعي ورفضته كفعل قسري. و انا طالبة
في الكلية عملت بحث التخرج علي حقوق المرأة بين الشريعة و القانون في مصر، كوني
نسوية إسلامية كان باين من و انا طالبة.
بعد التخرج، التحقت بالعمل في مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان وبدأت فترة مختلفة
في حياتي، بدأت اتعرف علي فاطمة المرنيسي النسوية الكبيرة المغربية رحمها الله وقرأت لها العديد من كتبها، أتذكر
انني كنت اقرأ في المترو كتاب الجنس كهندسة اجتماعية وأتذكر نظرات التوبيخ من
الراكبات ظنا منهم أنى اقرأ كتاب اباحي. بعدها بعام اتيحت لي فرصة لدراسة
الماجستير في مالطا و بلجيكا ، مع حياتي في اوروبا أصبح الحجاب يميزني كمسلمة وصرت
اتلقي تعليقات من اوربيين مثل " الا تشعرين بالحر؟ " كنت اعرف انني ليس
من حقي ان اتذمر كنت اجيب " اعتدت الحجاب" هنا أصبحت فكرتي عن الحجاب
انه عبء على من ترتديه وخاصة انه يميزها تمييز سلبي في حالة وجودها في اوروبا او أي
مجتمع لا يرحب بالحجاب . بس فكرة قلع الحجاب كانت غير واردة في ذهني ، كنت لسة
مؤمنة بالحجاب انه فرض رغم سخافة الاوربيين اللي اتعنصروا ضدي لاني مسلمة. بس في
2008 قررت اني ها اقلع الحجاب ونظرتي له اختلفت كنت شايفة اني ما لبستوش بشكل واعي كنت صغيرة و مش مدركة تبعاته ، استأذنت ماما اني اقلعه بعد ما بقيت حاسة اني بجد
مش مقتنعة به ، اللي غير فكري هو تفسير فاطمة المرنيسي في كتابها الحجاب اللي فندت
فيه اسانيد الحجاب في الشريعة في السنة و القرأن . نقاشي مع ماما انتهي برفضها
القاطع لقلعي للحجاب و سمعت كلامها و فضلت بالحجاب لغاية سنة 2011. 3 سنين من
القهر بسبب حجابي المفروض عليا مجتمعيا. فضلت لابسة الحجاب بسبب ماما. امي دايما
الشخص المركزي في حياتي و كان صعب ازعلها
رجعت لقراءة فاطمة المرنيسي وخاصة كتاب الحجاب و سخطي على الحجاب يتبلور. وحضرت
الكثير من تدريبات نسوية وكانت حواراتي تتمحور عن سخطي الخفي عن الحجاب. الي ان جاءت الثورة وكانت
انفراجا لي. طوال وجودي في الميدان سيطرت على فكرة واحدة انني إذا قتلني أحد
القناصة، فاني في الدرك الأسفل من النار لأنني منافقة وارتدي الحجاب خوفا من الناس
وليس خوفا من الله. الي ان جاء الخلاص يوم كنت اصور نفسي بلا حجاب ليراها من كان
حبيبي في ذلك الوقت وتسلطت على فكرة اخري وهي ان لو كنت مرسلة صورة بلا حجاب لأكثر
شخص يجب الا يراني بلا حجاب، فلماذا لا يراني الاخرين؟ وقد كان، نزعت الحجاب في 16
ابريل 2011. و كان عندي 29 سنة لا يمكنني ان انسي حبي لمداعبة الهواء لشعري الذي حجب عنه الهواء لمدة
15 سنة.
وبدأت مشكلاتي في الظهور من حيث توقعت، غضب عائلي وسخافات من بعض من ظننت
انهم أصدقائي. وتأقلمت مع فكرة نزع الحجاب وحريتي التي مازالت عائلتي ترفضها وما
زالت امي تدعي لي بالحجاب كل فينة والأخرى. أدركت مؤخرا ان الله يحب عبيده أيا كانت
ذنوبهم، هذا إذا اعتبرنا ان نزع الحجاب
ذنب. ولكن الان تراودني فكرة اخري، ماذا لو كان تفسيرات النسويات خاطئة وكان
الحجاب فرض بالفعل. الا انني تصالحت مع نفسي كما أبدو الان. ولعل البحث يرشدني الي
طريقي. انني اكتب هذا السطور و انا مدركة ان الحجاب ليس مجرد قماش ترتديه النساء
علي رؤوسهن ، بل هو ابعد من ذلك. انا فضلت 14 سنة محجبة و 11 سافرة،باكره كلمة سافرة بس العربي مفيش في لفظة تانية غير متبرجة و الاتنين اسخف من بعض . و اتعلمت
كتير عن نفسي و عن ربنا و عن ديني و عن انحيازي النسوي. الحجاب هو اللي بيأكد عفة
المسلمات و باعتبر سفوري مع التزامي بالملابس المتحشمة حجاب. حاسة دلوقتي بسلام اكتر سواء لبست الحجاب او لا عشان انا متخيلة ان ربنا كريم و رحيم بس نساء الرسول امروا بالحجاب و حتي لو
الحجاب مش فرض. و مؤمنة
ان ربنا ها يقبلني علي أي وضع سواء محجبة او لا. باتفرج علي النساء الايرانيات في
انتفاضتهن ضد الحجاب الاجباري اللي فرضته دولة ايران المتشدد و انا فرحانة لهن
انهن قلعوا الحجاب الاجباري و شايفاهن قويات و ملهمات و مثابرات. عمري ما ها اندم علي ال11 سنة اللي قلعت فيهم الحجاب.
ربنا الرحيم ها يغفر لي و ها يقبلني و انا واثقة ان عدالة ربنا أوسع من أفكار
البشر. ربنا عارف اني باترجي رضاه و اني باحاول أوصل لاجابة علي سؤالي ، هل انا
عورة ؟. انا عارفة اني موقفي حرج و قد ابدو متناقضة و لكن اللي حابة أؤكد عليه ان
سؤال الحجاب دة سؤال انساني بحت و ربنا مش ها يفرق بين مسلمة محجبة و ست سافرة من
أي دين، الفرق بس في التقوي و صلاح الاعمال . ربنا رحمته أوسع من منظورنا الإنساني
الضيق .
ادعوا لي و افهموا ان الست مش عورة و مش مجرد جسد . انا اتحجبت برغبتي و
قلعت الحجاب برغبتي و لو رجعت لبست الحجاب تاني فدة ها يكون برضه برغبتي . في
الختام باقول ان ربنا رب قلوب.